ثلاثية المصري
حسن بدوي
طفل المداراة البهي يقوم من سفر إلى سفر
ويشبك في الهواء عبارة,
عشرين عاما أرجحته الفتنة اليقظى
على أسلاك حلم لا يغيب.
يقول لي: هذي البلاد تميمة للمشي,
فاحفظها قبيل الموت أو بعد الجنون
أنا المواقيت التي ستعود بالقطن المصري
فاحملوني,
ثم أحجية تراقبني
و أنثى تستعيد شهية السنوات.
كم قلقا سيطلبني؟
هنا عمال قلبي يحصدون بقولهم في ليلة التوباد
أرقدت الفتى في حوض ينسوني:
اتكئ فوق ارتعاشات الأمومة,
واستعد لرحلة يختار فيها الصحب صحبا
والحزين دموعه الفضلى.
الطريق قريبة من بؤبؤ الروح,
انسجمنا ساعة في الوجد وانفتح السبيل,
وهذه الأنثى التي راقصتها ستظل سوسنة الأقاليم.
الطفيليون يمتلكون أقبية,
ولكن سطح بيتك عائلي في أماسينا
ومحتك بقوس.
ليلنا خمر,
فطرز بردة للحالكات,
وليست الأعوام مملكة
ولكن الممالك حلمنا والقوم,
خذ شعري رهينا
واختبره على حديدات الزنازين,
احتدادك في المقاهي رأفة,
هات السقاية وانسني بين التلاميذ,
استمع للصمت واشهد معصمي:
أنا اشتعلت كمصطفى,
ونجوت.
هل يكفيكَ قرطُ جميلةَ الذهبيّ؟
كان عليكَ شمسٌ من حِسابٍ غابرٍ
فكسبتني.
عَلّقْ صباحي أو صباحَ السيداتِ العاشقاتِ
على فتيل ضمادة الشيخ المسِنِّ.
وعشْ على سُنَنِ البداوة،
هذه الأيدي ستخلق من مسامير القواربَ،
والأنوثةُ بيننا شِصٌّ تداريه العقائدُ،
عندنا عنب نؤجله على اسمِكَ،
هل ستعجبكَ الشطائرُ؟
ليس في عينيك ما ينبي بأني قد هزمتُ،
الوردُ مقصدُنا
وأنت الحاملُ الأبديُّ للنجوى وأبخرة المحبينَ،
التفتْ وأسأل صنائعكَ الأخيرةَ:
من سيمنح للخليلِ الصفوَ؟
هذي ليلة أخرى لنا،
يا ربما هجسَ الحيارى بارتمائكَ في الهوى،
فامرحْ،
وسُقْ عمرك كبرهان على أن الزراعة مَجْدُ أمي،
والتفلسف أول النزف.
ابنُ أختي أنتَ والمعنى يداك،
وأصدقائي من وصاياك القليلةِ طائلونَ،
عيونُنا أرقي من المُرَبَّعَة التي ترجوكَ،
أو تحصي عليك الأضلعَ المخلوعةََ،
البلدُ الحرام مقرّحٌ
فاذهب طواعية إلى بدءٍ
جميلةُ تسكبُ الماءَ المقطّرَ فوق صدرِ المُتعبينَ،
وترشد الزوارَ للدنيا،
وتقرأ ما صنعت من الدفاتر عند أذْني،
صوتُها يلقي على الطرقات مِسْبَحةً،
تعدّ فطيرة للجائعين وتبداُ الاضراب.
لا ليلٌ بحجم طفولة،
طفلُ المداراة البهيّ يقوم من سفر إلى سفر،
ويطلق في البراح سحابة بيضاءَ
كم قلقا سيطلبني؟
هنا الفسطاط بنتك فادّخرْ مِسكا لها،
وقصاصتين من المواثيق.
الليالي ضيقات عن أصابعنا،
فخبّئْ وردة،
واذهبْ خفيفا كي تعود مع الصلاةِ،
النارُ موقدةٌ بصحنِ البيتِ،
سوف نعدّ شايَ الصبح:
كبرى العاشقات بجانبي،
فارجعْ بهرولةٍ لنشربَه معاً.
صلاح عدلي
خَلَت الأيادي من فتوحات الصبا
والقلب لا يخلو من الناي
اختلافات الليالي حكمةٌ يا صاحبي
وبشارةٌ،
لم قلت للرفقاء في اللحن الغريب:
أتتركون جميلةً نهبًا لموتٍ جاهليٍّ؟
نامت الأوجاع وقتا
واستفاقت فوق لحم العاطفينَ
ابدأ بلحمي واستعنْ بدمايَ كي تخطو إلى
العَلمِ المُرادِ.
هنا مَدَى
ليست عليك لياسمين مودّة
قبّلتها وشرحت درسكَ باستفاضة مُلهَمٍ
وتركت في ذيل الفساتين اليمامةَ
كنت ترمقني وراء الباب
ألعقُ قشدةً ريفيّةً من حلْمتَين
فخنتني بالهجر
موعدنا المعلّقُ لم يحن
لا تنتظرني في الميادين التي عرفوا خصائصها
على كفّيكَ والقمصانَ
هل حلّقتَ أم عاصرت بادرةَ التأزم؟
مستمرٌ أنتَ في عهدي
ومخلوعٌ على العتباتِ
لا غفرانَ يُرضي ساعديكَ سوى انكسار المُترفينَ
عليكَ أغنيتي ولهفُ جميلةً المخطوفُ
قلنا في المساءِ المشتَهى:
ليت المآقي حُرّةٌ لنكون مدرارينَ
أنت خرجت من أسر المراراتِ
استرح يومين من عينيك والجدلِ
استمعْ لي
ليس بين الحزب والشّعر اتفاقٌ طائفيِّ
فالضلوع وسيعةٌ
ورجاء أجمل من ملائكة محنّطةٍ
خطوت إليّ عَكسَ القلبِ هيمانا
فقل لي: كيف سرّبت البيان إلى يديّ
وأنت تقذف بالكُرات إلى شباك فريقنا القرويّ؟
قالت لي جميلةٌ:
لستُ أعرف أنه من طينة الكهانِ
قلتُ: شقيقُ بنتي،
وانفعالتُه تقّيةٌ رحمةٍ
شَرِبتْ عصافيرُ الشوارع من يدي
وحديقةُ الحيوان مقفرةٌ
سوى من عاشقٍ فردٍ يحط غزاله فوق الغزال
وينثني.
لا تنتظرْني في الميادين التي كشفوا لغات نخيلها.
أو سجّلوا بصماتِها فوق البنفسجِ
حِدْ عن المعلومِ من خطو
أنا لم أنهِ بين يديك أسئلتي،
ولم أشرحْ غرامي في اجتماع الدعوة السنويّ.
موعدُنا المعلّق لم يحنْ
لا ترتقبني تحت أمطار الجنائن
هلْ أدلُّكَ أين أكمنُ؟
إنني في كفكَ اليُسرى أعيشُ
أعدُّ بُرهاني لقهر خطابك السحريِّ
فافتحْ – حين ينطبق الحديدُ عليكَ –
كفّكَ كي تراني
ثم نكمل ما بتدأنا من حواراتٍ مؤرّقةٍ
ونضحكُ
مَرّةً.
مبارك عبده فضل
راق الوجودُ على اليدين
وشفّ دهرٌ
كان يقطع هذه الأفلاكَ مَشْيًا،
يكشفُ البلح المخبّأَ للحياةِ،
وينتمي للمُضْمَر البشري.
نامت في وسادته هنيهتهُ على الأوطان
وانسابت مُنىً.
قلتُ: انقسامُ الوردِ لمْحٌ عابرٌ سيزولُ.
غامت مقلتاه كمُدْنَفٍ،
فمررتُ.
لا تحزنْ اذا انكسرتْ غصونٌ في تكيّتنا البعيدةِ،
هذه الأحلامُ طافحةٌ،
ولكنَّ الطرائقَ ذابلاتٌ.
أنت يا صوفيّ طائفة النهارييّن،
كيف ستربأ الصّدعَ القديم؟
أنا رأيتك في مسيري:
كنتَ خاطرةً ت}لبُ نفسها تحت القفاطين القديمة،
تهتدي بالروح في فيضانها الذاتيِّ،
تسكبُ للرعاة نصيبَكَ المقسومَ من
قلقِ الجبين ومستحيلٍ أزهريٍّ،
ثم تخلعُ في الخليّة جُبّةً
وتنام مثل الذئب.
رفرفةٌ ستنزلُ،
قاهراتٌ في الحواري،
قاهراتٌ في النجوعِ،
الشوقُ مشكلة وهذا القلب أضنته الرؤى،
يا شيخُ هل من جمرةٍ في النفْس؟
كانَ المغرَمُونَ أهلّةً والماءُ يحبو،
"قُرْنَةٌ" انتبهتْ عليكَ وأنتَ تصنعُ من
مآذنها المناجلَ للحصادِ الموسميِّ،
وتختفي في القاطراتِ.
العَزفُ موصولٌ فكيف يجوعُ نيليّون؟
ها بدني أستوي،
عِدني بأغنيةٍ لأعرف أنني لم أنشرخْ.
وادخلْ عليَّ بَنَقْدَتيْنِ،
ودلّني:
هل ستكفُّ كفّي عن ملاعبة الهياثم،
أم ترى ستعود للعزف؟
اعترفْ:
نوبيّةٌ هذي الحَصَاناتُ القليلةُ
فاختزنها ساعةً
واشرحْ فؤادكَ بانحلال الأرض في دمنا منابعَ
ليس في الوجع اختلافٌ
فاتجه لي لسألني:
متى سيحرّرُ الشّعرُ الأصابعَ؟
خُصّني بالقول،
أثقلَكَ التشرذمُ،
فانحنيتَ على الحمام كأنْ ستحصي الضائعات،
وكنتَ تهمس:
يا جميلةُ جَهِّزي الشُّعراءَ،
أنت أخو أبي،
فاحفظْ مواويلَ الصبابة تحت شرياني
ولا تغْفِلْ دواءَ الضّغْطِ،
أمي فوق رأسك بانشراخيْن،
افترضْ خيرا ولا تغمضْ مُفَتّحةً،
فهم يترصّدون مسيرَ رأسكَ حين تيْنعُ.
هذه الأحلامُ ممكنةٌ،
فقُم سيرًا على قدميكَ نحو نوافذي:
أعط الجميلةَ لي.
وسلِّمني الإشاراتِ الضرورياتِ.
هل أُبلغتَ أن زنازن الرؤيا
اسمُها الحركيُّ في هذا الدجى:
حُرّيّةٌ؟
أكتوبر 1989
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق