صحراء منزوعة الأصابع
(1)
تيهٌ من ورقٍ مقوىً
وأفئدةٌ مطبوعةٌ على البنكنوت تنزفُ
كسُرتْ رقابُ البلاغات،
لكنّ محطةَ الإنذار شامخةٌ،
هنا ختمُ أمي: زاهيةُ السيد نصّارُ
وخلفَ السّتائر فتىً يقلّبُ الوثائقَ الرائجه،
عساه يرى: لماذا تصيرُ الفرائصُ مقسومةً
بين الحكوماتِ والعشبِ الإلهيّ؟
سَهِرتْ عناياتٌ وأجهشَ الأطباء،
هذا طوى المقدّسُ
وهذه المرأة التي تحبل نيابةً عني،
فمن ذلك الجنرالُ الذي يُخفى دمعةً في السيفينِ المتقاطعينِ؟
كظيمُ ابنُ كظيم
كانت فتاةُ درّاجةٍ تحدثني عن شقائق الجامعة
فرددتُ : الإنذارُ المبكّرُ عكسَ عبد الحليم حافظ
عساكرنا موثوقونَ إلى حزيران
والماءُ لا يفصلُ بين المآتم والمآتم،
قلتُ: إبراهيمُ أصلان ليس مؤرّخ الخراب
ولستُ منَسّقَ الأعلام البيضاء
عندي قناةٌ لم يحفرْها سوى الشبينيين،
ولم يمتْ بها سوى نطف خمس ألقتْ بها
فتاةُ دراجة تحت قِبْلةٍ،
زُمرّد مُراق ودم في كشوف الحساب،
تحركي جهةَ الجنوب لعل أمرًا يفجؤ الرهطَ،
كيف اصطدمتِ في قزح سانت كاترين؟
لا تضعوا أمام القضاة قلبي،
أرى أشباحًا يفردون الخرائط القديمة،
وليست المناجاةُ للزّناةِ،
قالت المرأة المُصّفاةُ: لا تتحرر الأوطانُ بالفقه الدستوريّ
خذوا عينةً من كبدي تحت المجهر،
ودبّجوا الفتوى:
هل أنتمي لكليتيّ أم لقَاصفي أبي زعبلَ؟
كظيمٌ ابنُ كظيم ومحطة الإنذار شامخةٌ،
هذا طوى المقدسُ وأولئكَ الرؤساءُ المدنّسونَ،
فمن ذلك الجنرالُ الذي كتبَ بلسانه على بلاط ميناهاوس:
لايجلو الغزاةُ بشهود النفي؟
تيهٌ من ورقٍ مقوّى ودمٌ في كشوفِ الحساب.
(2)
هكذا بقر الوحشُ أختَه:
هيئة الكتاب نافرةٌ
وهذه فتاة دراجة تراجع سنة البطشِ
مرةً أتاها رعاة الانقلاب
فأزاحت الآلة الكاتبة عن أم القرى
وقالت: كم سنة قضاها الشاعر في حبسه؟
كان رواق المهرجان عامرا بالمدسوسين والوّعاظ
فاخلع نعليك دونك ختم أمي: زاهيةُ السيد نصار
مرّت توزّع على المقرفصين البرامج والقمحَ
وتخبّيء الأسى خلف المذكراتِ
هل طلب سائقو القطارات خمسين مليمًا؟
لم يعد المفهرسون بالنبيذ والخردوات
وما من مفكر رأى الوشيجة بين خطواتها ورقبتي
هيئة الكتاب نافرة
حكت لصاحبي عن العائلة وأقسام الحراحة
وتركت على المائدة ذات الهمة
لكن أحدًا لم يفكّك الهواءَ بين قمطة الرأس واضطراب تلاوتي
كان أصفرها زاهرا خلف مجمّع الأديان
فلم يُخفِ لؤلؤةَ المخابرات
قالت جميلة: الشعراء يشبهون الهوائيّ
فرد سائقو القطارات:
نحن سقاةُ الهوى فمن يعالج الربوَ؟
مضت طوابير العازفين تحت إبطيها
فاستيقظت في آخر التراث
كأن علم النبات معلّق في أذنيها بإبرة
لكن مساءها مرمم
هرب المزيفون إلى الأضابير
وبات سلاح المهندسين مغدورا
فأمسك الشلل عينها اليسرى
مؤخرا صار جلدها حنطيا ولها أجر الخطأ
فلماذا جرجرتني المآذن المكسورة في معصمين؟
كانت وراء محطة الإنذار تصرخ:
هكذا بقر الوحشُ أخته.
(3)
مرق الشهاب على منازلنا فخضنا عمرنا المرتد / هل فرت على أبراجنا أمم ومغزلنا عصيُ؟ / هان ودٌ فاستباحتنا ممالك عبدة / لا يسلم ال / صدر النجيّة ليّن في الريح محروسٌ / فكم قوسا سيلزمنا لنعفي الروح من سقطاتها ونؤوب؟ / داري في هشيم الشجّ سابحة ولكني الصوي / هيّيء حروفك يا كلامُ فلي على مهر الطبابة دلة / شرف الرفيـ / يهوي هواكِ / أنوثة أولى وآخرة تريقُ الكهرمانَ على سبيّ / أيهذا المستجيرُ من الولاية بالوليّ / يظل جرح فوق بحريها يكلمني: أنا من شهوة الحرية اجبلت قطوفي / يا زمانَ الوصلِ صل شرقي بأمسية الختانِ / على الأرائك ينظرون فأين أخفيتم يمامي؟ / أهل أختي خلف أبواب الحرابة واقفون / الليل خصم للدجى / عُ من الأذى / لفت جميلة رأسها بقميص واحدها وناحت: يا وحيدُ / ضريبة المال انجبت وضريبة الضباط في صرر الخفير فأين يأتيني حبيبي؟ / ذي صوامعنا على كتف اللواء مخمسات بالبريق الحر / يا كبدي اشتعلْ / حتى يُرا / كل الصبايا ضارعات / كم شهيدًا شق أوردةً ليمشي فوقها العملاء والمفتي ؟ / خلاء هذه الأوطان من غزل البنات ومن تفاصيل الخطى / قُ على جوا / لا بيرق في الكف لا سمك على نار الليالي / كل سارية بضائع والنشيد خديعةٌ / قالت على جرف المضائق : جهزّون للجحيم وجرسّوا الوزراء / أسلحةُ الإشارة سلّمت شفراتها للدائنينَ / انغلْ بجوفي جنائزي يا غلّ / أختي في انتظار خطيبها منذ الصبا / نبهِ الدمُ.
(4)
كان بين يدي بدن ثري بالثريات،
مرّت أظافري على عظمة الساق فانهارت رؤى
في أي مترين ثوى ذراعُ سعيد فراج؟
قلت: مرمرٌ زماني وفخذُك على الدست استوى
مخطوطة الزراعيين مجهولة وهذه صحراء منزوعة الأصابع:
امرأة عليا تسقط حملها تحت المنصات،
وتحفر على شاهدةٍ:
ثلاثون دبابةً تساوي عابدين
ليس إرثي سوى ختم أمي: زاهية السيد نصار
فجل الفدائي والمفتدى
حوّمت حتى تبينت تختةَ الفصلِ
قلت: أسراي شاخصون في عنابر الإذاعة
قتاة دراجة خلعت عن الدلتا رسالة الغفرانِ
وصححت كراسة الإنشاء للجرحى: طابا غزال البر
ليلة رحل مصلحو الأعطاب عن الرسول
فقالت ضاربات الرمل:
المطار الحربي عاقر والأحبة مغروزون
جيشي سكرانُ يا مكتب الأمن
وبنت رجاء تنازلت عن وليدها لي
لكي أخط العقد ىلأجيال الشرخ
لكن ذراع سعيد فراج يطفو،
يفصل سيناء عن المغربلين
قلبي عجين والحياة منزوعة السلاح
أوقفي حقنة السكر يا أمي
فإحصائيو الخسائر متعبون.
(سبتمبر 1991)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق