صائد العيون
شعر: حلمي سالم
علّمني كهّاني أن أتخصص في البؤبؤ.
فالبؤبؤ جوهرة المرء،
كما أن التصويب عليه بحرفنة
برهانُ الموهبة الربانية،
أوسلمة ترق في درجات الرضوان.
أنا القرنيات هيامي،
لا الصدر ولا البطن ولا الرأس
تهيّج لذة فوهتي والناشنكاه،
فقد دربتُ الماسورة في ليل الكهان
علي شهوة أن تسكن ورداتي
بين الرمش وبين الرمش.
أنا أكره كل عيون بني آدم،
فعيون المرء هي البوابات،
هي الكشّافة لسواد النفس السوداء،
هي الفضّاحة للبطش.
بليل يهجم ماضي الموغل فيّ عليّ:
عيون فقير هزمتني
حين تجبّرتُ بجاه الأهل،
وكنت أظن الجاه يكسره ويرممني،
نظرات فتاة القرية سخرت مني،
حين زهوت بنجمات تلألأ في كتفيّ،
وأعطت فلتها للنسّاج المتقشّف،
حين ظننتُ النجمات تستّف طبقات
فوق الطبقات،
عيون الفتية في الميدان
تشظّت تحقيرا لخطاي،
إذا خطوي خرق الأرض،
وكنتُ تشرّبت سلافة: نحن الأعلون.
أنا أدّبني الشيخ
علي أن التنشين صبابات،
وعلي أن السكني بين الجفن وبين الجفن
هي الأدفأ،
حين يصير سواد الدنيا موعظة.
كان الدرسُ يقول:
الهدفُ هو الحلمُ النابضُ بين الهدبين،
فركّزْ في الخيط الواصل بين الفوّهة وبين
النظرات،
فذاك دليلُ التربية العليا.
كنتُ المتميز والمائز والممتاز:
فكلّ مراسيلي كانت إعلانا لرهافة حسّ
ومؤشر عافية لفؤادي،
فإذا نزّتْ عين الفتيان نضارتها
انفكّتْ عُقد في قاعي،
وإذا وضعتْ فوق عيون الشبّان ضمادات
بردتْ ناري،
وإذا غربتْ شمس تحت الحاجب،
أحسستٌ بتاج يعلو رأسي.
أنا قدمي أعلي من هامات الدهماء،
وسوف يهندم ربُّ العائلة
وشاح الفخر علي صدري،
ويلقبّني في الحفل:
القنّاص الأمثل،
وسيهديني الجنرالات ثلاث جوائز:
جمجمجة،
أكفانا،
أطباق عيون مفقوءة.
شعر: حلمي سالم