محمد هاشم
شعر: حلمي سالم
يأيتني الخاطرُ في ليلٍ:
ميريتْ قادمةٌ بقلادتها والثعبانِ،
فقمْ وزِّعْ للصبيان كماماتٍ
تحميهم من عفنِ السّمسّرةِ،
ولا تنسَ البطانيةَ كي يختبئ محبٌّ
من كرباج النهي عن المنكر.
يطلبني في الفجر حرافيشُ السيدةِ،
ويطلبني زعرانُ المنيل،
أتركُ دورانَ المطبعةِ على كتب الجغرافيا،
لأعاينَ دورانَ المطبعةِ الفطريةِ
فوقَ الإسفلتِ العامرِ بالجثثِ،
أشاهدُ ميريت قادمة بقلادتها والثعبانِ،
متوّجةً باللوتس،
وحواليها أربابُ الحِرَفِ المنتَهكَونَ،
فجاوبتُ الخاطرَ:
أخرجتُ الأدباءَ من الكتبِ،
وسرتُ بهم لأقاصي الأفئدةِ،
ولعنةِ منقرعَ.
رسمتُ على الأغلفةِ القنّاصينَ،
رسمتُ العربات مدرّعةً،
ورسمتُ النجمات على الكتف
تنزُّ دماءً طازجةً.
كان سُبُوعُ الوالدة مليئاً بالترمسِ،
فكأنْ خاطبني الكنّاسونَ:
انهضْ،
وزّعْ خبزاً للصِّبية حتى يُقْسم فنانون
على خبزٍ،
وزِّعْ خوذاتٍ كي تنجو الرأسُ من القارعةِ.
سيخرج رسّامونَ من التصميم الفنيّ،
ويخرج طبّاعون من البنط الأسود،
فيحنُّ مصابون إلى حضن مصابين.
يجيء الخاطرُ في الليل:
ميريتْ قادمةٌ في مركبة الشمسِ،
بعزّتها والطلعة،
حاملة جرة ماء،
والسنبلة،
ويُوداً للمستشفى الميدانيِّ،
وريشة طيرانٍ.
وأنا يطلبني في الفجر العشوائيّونَ،
وصُنّاعُ الحِلْبةِ،
يطلبني في الفجر الفارّون من الحبْكة فوق
المسرح.
طار الناشرُ والناثرُ والشاعرُ
فوق حناجر،
فتحوّلت الأحرفُ لضماداتٍ
حملتْها الغندورةُ بقلادتها والثعبانِ،
وحينئذٍ: قفزَ الكُتّابُ من الفهرس
لنعوشٍ فوق الأكتاف،
لكي ينطبق النصُّ على الشخصِ،
إذا هلَّ الخاطرُ في ليلٍ.
حلمي سالم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق